قصة عن وأد البنات في عصر الجاهلية

 بأي ذنبٍ قتلت ؟؟

ولدت زوجته البنات فقط

كان هناك في زمن الجاهلية رجلٌ يدعى (الحارث).

ولدت له زوجته بنتاً فلم يفرح بها. وبعد عامين ولدت له بنتاً أخرى، فاظلمّت الدنيا في عيني الحارث, وبعد عامٍ ونصف أتبعتها بالثالثة، فطفق الحارث يغطي وجهه حياءاً من الناس من سوء ما بُشّر به. فعمد الى زوجته فضربها ضرباً شديداً ثم انتزع منها الرضيعة وحمل بناته الثلاثة على فرسه وانطلق بهنّ الى الصحراء يريد بذلك دفنهنّ والتخلص من عاره حسب اعتقاده.

كان المجتمع في ذلك الوقت يجيز للرجل وأد بناته ولا يحقّ لأحدٍ أن يعترض عليه أو أن يراه مجرماً في فعلته. وصل الحارث الى مكانٍ قفر فشرع بحفر الارض وساعدته كبرى بناته في الحفر بسرورٍ لاعتقادها أن أباها يلعب معهنّ فحسب.

وفي تلك الأثناء.

مر غلامٌ أسود وشاهد ما يفعله الحارث فانطلق الغلام مسرعاً الى سيده وكان شيخاً كبيراً وأخبره بما رأى. فترك الشيخ خيمته وهرع الى حيث أشار الغلام ، فأدرك الحارث وهو يهيل التراب على بناته وهنّ يتصارخن ويتباكين فأشفق الشيخ عليهن فأسرع وجعل نفسه حائلاً بين الحارث وبناته.

فغضب الحارث وشتم الشيخ وأنكر عليه فعله، فطلب منه الشيخ أن يكفّ عمّا يفعله ببناته فلم يقبل الحارث. فتوسل إليه الشيخ أن يُبقي على حياتهن إكراماً لشيبته فلم يقبل ايضا. ثم طلب منه الشيخ أن يشتري منه بناته فأبى الحارث كذلك. فأخذ الشيخ يزيد له في السعر وفوقهن من الأبل ما يطلب، لكن الحارث رفض وأصر على وادهن.

فغضب الشيخ وقال: ويحك يا رجل ما الجرم الذي ارتكبنه تلكم الفتيات الى درجة ان تدفنهن وهنّ أحياء ؟؟

قال الحارث:

ليست المسألة في المال. فحتى لو بعتك إياهن، فسيبقين بناتي وسيعلم الناس بذلك. ولن يقولوا اُولئك بنات الشيخ، بل اُولئك بنات الحارث.

رد الشيخ: إذن خذ المال وأبقي البنات عندك. فإذا خشيت الفقر فأنا أتكفل بمصروفهن ..

فأبى الحارث كذلك وقال :

أخبرتك ان المال ليس المشكلة ... وجودهنّ على قيد الحياة وارتباطهن بي هو جوهر المشكلة.

عندها عرض عليه الشيخ أن يزوج أحفاده لهن حالما يبلغن .. وأقسم له أنه على استعدادٍ بأن ينشر على الملأ ذلك الخبر الآن وحالا.

لكن الحارث زاد في لجوجه وعناده ولم يرضَ إلا بدفنهن أو ذبحهن.

آنذاك. نظر الشيخ الى البنات فنزلت دموعه رحمةً بهم, ثم التفت الى الحارث وقال :

ويحك. ألم يجعل الله من الرحمة في قلبك شيئا ؟؟

ثم تمدد الشيخ على الارض بجوارهن وقال: ما أظلم قلبك يا هذا !!!

فإذا أصررت على قتلهن وهن فلذة كبدك. فاقتلني أولا. فأنا لا طاقة لي على رؤية مصرعهن بعد ان فشلتُ في إنقاذهن.

فأجاب الحارث: إن كان ولابد فساُجيبك الى ما طلبت. وكان غلام الشيخ واقفاً يشهد ما يجري. فلما رأى سيده على وشك الموت حتى انطلق يجري مرعوباً في الأرجاء.

تدخل الفارس لانقاد البنات والشيخ  

الى أن عثر على فارسٍ يسير على صهوة فرسه. فتعلق الغلام بحمائل الفرس وقال لاهثا :

سيدي أدرك مولاي الشيخ فهو على وشك الموت.

صاح الفارس:

دلّني عليه يا غلام.

أركب الفارس الغلام الى جنبه وانطلق يعدو حتى بلغ الحارث.

فشاهد الغلام مولاه الشيخ مضروباً عنقه !!! فناح عليه وبكى وجعل يحثو التراب على رأسه.

ثم علم الفارس من الغلام سبب مصرع الشيخ.

فالتفت الفارس الى الحارث فشاهده يستعد لاستكمال وأد بناته.

فتقدم منه وعرض عليه أموراً كي ينقذ حياة البنات، تماماً كما عرض عليه الشيخ سابقا فلم يرجع الحارث عن غيّه ولم يستفد من نصح الفارس له وإرشاده.

ثم قال الحارث :

إن شئت يا هذا فتمدد على الارض لأضرب عنقك أنت الآخر

فوحق الآلهة لو فدى بناتي سبعين رجلاً بأرواحهم فإني قاتلهن في النهاية لا محالة.

حينذاك. جرد الفارس حسامه وقال :

إن لم تنصرف عمّا تنوي فعله فإني قاتلك الساعة هنا. 

ذهل الحارث وخشي على نفسه فركب فرسه وصاح :

ساخبر الناس بما فعلتَه وبأنك اختطفت بناتي ومنعتني عن وأدهن  وسيركبك العار الى آخر عمرك.

رد الفارس :

أتهددني بالعار؟؟  فاذهب الى قومك وأخبرهم بأن (ضِرارة) قد منعني.

ثم أنشد يقول :

الموت أولى للفتى من العارِ

والعار اولى من دخول النارِ

تلا ذلك أن انطلق الحارث يعدو باتجاه قومه.

وفي الطريق عثرت فرسه فهوى الحارث ارضا ثم استكمل الطريق سيراً على قدميه فكان أن لدغته عقربةٌ فمات مصروعاً على حر الهجير.

أما البنات فقد أعادهن ضرارة الى والدتهن. ثم تكفّل بهن إكراماً لما أراده الشيخ.

وبعد شهور. تزوج ضرارة بأم البنات جاعلاً بناتها كبناته ولم يكترث لما قيل ضده. وبعد سنوات جاء الإسلام فقضى تماماً على ظاهرة وأد البنات.

قال الله تعالى :

(( وإذا الموؤدةُ سُئلت . بأي ذنبٍ قُتلت ))

صدق الله العظيم .

أذا أتممت القراءة ( صل على النبي محمد صل الله عليه واله وسلم )

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال